مقالات

رسمٌ فوق جدران سجون داعش

تم نشر القصة على موقع حكاية ما انحكت هنا في المهجع رقم أربعة في سجن المحكمة الإسلاميّة في مدينة الباب، والذي تبع تنظيم داعش، كان أبو ديار معتقلًا، فقط لأنّه كرديّ. رسم أبو ديار فوق جدران ذلك السجن، وكتب آيات قرآنيّة. استطاع خليفة خضر أن يحفظ بعض تلك الرسومات ويقيم معرضًا لها في مدينة الباب. في هذا النص يحكي خضر قصّة هذه الرسومات وقصة أبو ديار. في شهر نيسان من العام 2021 قامت فرق الدفاع المدني السوري بمشروع إزالة أنقاض المباني الآيلة للسقوط في مناطق سيطرة “المعارضة” شمال غرب سوريا، ومن ضمن تلك المباني، كانت مبانٍ استخدمها تنظيم الدولة الإسلاميّة “داعش” كمعسكرات ومقار أمنيّة وسجون له.  عمدت آليات التابعة للدفاع المدني السوري إلى إزالة الأنقاض عنها وتسوية الأعمدة الإسمنتيّة بالأرض. من ضمن تلك الأبنية التي خُطط لتسويتها بالأرض، كان مبنى عُرف باسم “سجن المحكمة الإسلاميّة في مدينة الباب”. في أقبية هذا المبنى قضيت فترة سجني، التي امتدت لعدّة شهور، قبل الهروب منه، أثناء سيطرة داعش على مدينة الباب، الواقعة شرق حلب، في العام 2014. عزمت بعد أن أخبرني متطوعو الدفاع المدني نيتهم بإزالة الأنقاض عن السجن أن أرافقهم، علّني أجد شيئًا عن تلك الأسماء التي باتت طي النسيان واندثر ذكرها، بعد أن خسر تنظيم الدولة مناطقه وتمّت هزيمته جغرافيًا. انتهى وجود التنظيم في تلك المنطقة، ولكن ما زالت عائلات الكثير من المفقودين تترصد أيّ خبر عن ذويهم ممن اعتقلتهم داعش وأخفت أثرهم. وكانت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” قد وثّقت في شهر آذار من العام 2019 أنّ أكثر من 8143 حالة…

خالد، قصة طفل سوري نازح

تم نشر القصة على موقع عين المدينة هنا عند حاجز لأحد فصائل الجيش السوري الحر بريف حلب الشرقي، يعرف بحاجز عون الدادات، على اسم القرية التي يتقاسم السيطرة عليها الجيش الحر وقوات سورية الديمقراطية؛ يجتمع النازحون القادمون من محافظة الرقة في ساحة ترابية. وبعد تأكد عناصر الحاجز من هوية القادمين ووجهتهم تنطلق سيارات النازحين إلى ريف حلب الشمالي والشرقي، فمنهم من تنتهي رحلته في مدينة جرابلس وآخرون في بلدة الراعي، بحسب توزع المخيمات والأعداد فيها، ومنهم من تنتشله صلة قرابة نظراً لتكوين المنطقة العشائري. أما عائلة خالد فقد انتهى بها المطاف في مخيم الجديدة على أطراف مدينة اعزاز شمالي حلب. الطفل الأسمر النحيل، ذو الرابعة عشرة، لم يدخل المدرسة. أخ لثلاثة أطفال هو أكبرهم، يتقاسمون خيمة بناها والده عن خبرة اكتسبها من كثرت مرات النزوح شمال سورية، كما قال الأب. لم تشارك عائلة خالد في الثورة. هم من قرية جوخة على بعد 10 كيلومتر جنوب مدينة السفيرة. لكنهم، وفقاً لما قال الوالد، اضطروا إلى النزوح وأخذ من متاع منزلهم ما يحمله صندوق الموتور، بعدما سمع والده أن ميليشيا حزب الله اللبناني أعدمت 210 مدنياً في قرية رسم النفل المجاورة ورميهم في بئر، بعدما استقبل الأهالي قوات النظام وميليشيا الحزب. بعد سماع الخبر هرب أبو خالد وعائلته، التي كانت آنذاك خالداً وأمه وطفلاً آخر، وكانت الوجهة ريف حلب الشرقي حيث المناطق الزراعية وفرص عمل العائلة في الحصاد. لم يعرف خالد ما حصل في قرية رسم النفل فقد أخفاه عنه والده، كما قال الأخير. ولا يتذكر خالد من قرية الجوخة إلا كلبه…

ابن بطوطة الديري

تم نشر القصة على موقع عين المدينة هنا كان يوماَ مريراَ عندما قال لهم عناصر تنظيم داعش إنهم سوف ينسحبون من مدينة الميادين، وسوف يدخلها جيش النظام، و«آخرون نشاهدهم لأول مرة في سورية». بدا الحزن واضحاً على التركتور «الغالي»، وانزعج من عناصر التنظيم الذين كانوا يقاسمونه عمله طوال السنة بحجة الزكاة، ولا يقولون له جزاك الله كل الخير، ولا يرشقون عليه الماء البارد في حر الصيف، يروي صاحب الغالي حكايته، في محاولة للحديث بلسان حال تركتوره. بعد ما شاهده على نشرات الأخبار من حرق للجرارات الزراعية والسيارات والمحاصيل في كل قرية يدخلها النظام السوري والمليشيات الشيعية المساندة له بحجة أن أصحابها «دواعش». قرر الغالي وصاحبه، وخمسون شخصاَ آخر، الهرب بأرواحهم من الموت وحرق محقق. «حتى براد شاي ما خذينا معانا، طلعنا بهدومنا اللي لابسينها من القصف». شق الغالي طريقه وعلى ظهره وجع أكثر من خمسين شخصاَ من شيوخ وأطفال ونساء، بعضهم من ذوي الاحتياجات الخاصة، وثلاثة رجال تناوبوا على قيادته في حر صيف العام الماضي. وصل الغالي الذي يحمل على ظهره سورية مصغرة إلى مدينة البوكمال، عبر التنقل بين القرى، عله يجد أرضاَ سماؤها خالية من آليات تشبهه، ولكنها تؤذي الناس وتقصفهم. وعلى حافة جسر الرمانة في العراق حار الغالي وصاحبه في الوجهة الأخيرة التي يجب أن يحطوا رحالهم فيها، حيث كانت الفكرة أنه (طالما نحن في مناطق يسيطر عليها تنظيم الدولة فسوف يلاحقنا الموت)، وكان القرار عبور الجسر، ثم التوجه إلى قرية الباغوز التي استراح فيها الغالي، وغسل نفسه بمياه الفرات على ضفاف النهر، ليكمل طريقه نحو مناطق قوات سورية…

ستكون لي لغة جديدة خاصة بي أسمّيها: “العردية”!

تم نشر القصة على موقع ردج هنا للمعارك والحروب روايتها الخاصة من زاوية النساء. وهنا رواية لشابة كردية أيزيدية شهدت هجمات تركية على شمال سوريا. سينم شابة كردية إيزيدية في التاسعة عشرة من عمرها. عايشت معركة غصن الزيتون وهي العملية العسكرية التي شنتها تركيا عام 2018 ومعها فصائل معارضة سورية ضد مناطق كردية شمال سوريا وشهدت معارك شرسة تحديداً في عفرين.   نزحت سينم إلى منطقة الشهباء (مخيم فافين) مع الكثير من أهالي عفرين ولكنها عادت مع عائلتها لاحقاً من دون أختها.  القصة وثقتها عينا شابة إيزيدية عن الحياة الاجتماعية في قريتها التابعة لعفرين قبل معركة غصن الزيتون وبعدها.  توثق أيضاً تحول حياتها البسيطة إلى حياة معقدة وصعوبات التواصل مع الناس الجدد الذين ارتطمت بهم حياتها، إلى صعوبة إقامة حديث مع صديقتها أريج التي تنحدر من بلدة مسرابا من غوطة دمشق.  كنت أحاول زيادة كسرة على آخر الكلمات، على أمل أن أفلح في التواصل مع والدة صديقي اللاجئ في هولندا، بعدما ألح علي برسائله عبر مواقع التواصل الاجتماعي للاطمئنان إلى أهله، الذين لا يملكون هاتفاً ولأن التغطية عبر الشبكة التركية لم تصل إلى قريتهم بعد، وبطبيعة الحال لا توجد تغطية سورية.  كلماتي مكسورة الحروف في نهايتها، لم تستطع الشرح لوالدته، أنني أريد أن أصورها فيديو تطمئن فيه ابنها على حالها.  ثمة شابة تنظر إلينا من سطوح المنزل المجاور، أنا ووالدة صديقي، أظنها كانت تضحك في سرّها من حركات يدي والحروف المكسورة في فمي. في المقابل بقيت السيدة جامدة، لا تفهم سوى اسم ابنها من كلامي كله، إلى أن أتت الشابة وتبرّعت…

وصيّة داعشية تنتظر حكم الإعدام : “لا تنسوا ابنتي”

تم نشر القصة على موقع درج هنا قد تسألني، لماذا لم تتركي التنظيم بعد خروجك من مناطقه لتعيشي حياتك، هو سؤال يراود جل نساء التنظيم وأرامله، ولكن دعني أجيبك دونما ندم أو حسرة… منذ الاعلان عن القضاء على تنظيم  الدولة أو “داعش”، تم تخصيص مخيم الهول في شمال شرق سوريا والواقع تحت سيطرة الادارة الذاتية الكردية لاحتجاز عوائل التنظيم. قصص كثيرة تم نقلها عن حياة مقاتلي داعش وعن نسائه اللواتي عشن حياة مكللة بالصمت والقسوة والعنف. هنا حكاية واحدة من نساء التنظيم،فبعد خروج عدد من عائلات مقاتلي التنظيم مطلع عام 2020 ، عقب وساطة عشائرية، خرجت فاطمة أو أم عيسى وهي زوجة أحد مقاتلي “داعش”، ضمن دفعات النساء اللواتي خرجن من المخيم. بقيت عند أهل زوجها في بلدة المنصورة في ريف الرقة الغربي لأشهر ومن ثم دخلت مناطق المعارضة في ريف حلب حيث يعيش والدها وأمها. هناك اعتقلتها قوات المعارضة. لم يُسمح لأهلها بزيارتها بعد الحكم عليها بدفع كفالة مالية. لم يستطع ذووها دفع المبلغ لضيق الحال، وبحكم صلة القرابة بيني وبينهم، استطعنا تأمين زيارة في مركز الاعتقال. فاطمة الملقبة بأم عيسى مصابة بقدمها اليمنى، وقد ساعدتها إحدى السجينات، وهذه الأخيرة هي صاحبة السطور التالية، طلبت مني، حين عرفت أنني أعمل في الصحافة، أن أنشر قصتها أو كما سمتها، وصيتها للعالم أو لمن يهمه الأمر بحسب قولها. تختلط عناصر القصة وتتداخل، فتارة تظهر فاطمة ضحية وتارة أخرى جانية وجلادة. في زيارات متتالية لأم عيسى مع أهلها، كنت أسمع من السجينة الأخرى، دقائق من قصتها التي أخذت ترويها بكلمات تتفوه بها بسرعة…

ابن تيمية قال لهم أن يفعلوا هذاابن تيمية قال لهم أن يفعلوا هذا

تم نشر القصة على موقع الجمهورية هنا سيارة الحسبة تجوبُ مدينة بزاعة قبيل صلاة الجمعة، وهو اليوم الذي تكرههُ نساء المدينة اللواتي يقبع رجالهن في سجن المحكمة الإسلامية في مدينة الباب. نساء المدينة اللواتي تغيرنَ من التباهي بسوارِ الذهب وعياره ووزنه، إلى التباهي بأن قضية الزوج عند المحقق الرؤوف بالنسبة لغيره من المحققين! والتباهي أيضاً بعدد ساعات تعليق أزواجهن على «البلنكو»1! المدينةُ الفكاهية التي قيل عنها في سجون التنظيم: «أخرج عشرة مساجين، واترك لنا بزاعيِّاً واحداً في المهجع، حتى يقلب المهجع من كآبه وحزن إلى ضحك وفرح!!».سيارةُ الحسبة تُذيع لأهالي المدينة أن هناك تطبيقاً لحكم القصاص على ثلاثة من أعداء الله ورسوله، يأمرُ الشيخُ الأهالي عبر مكبرات الصوت بالاجتماع في الساحة بعد صلاة الجمعة. وعلى الفور، ترتدي كل امرأةٍ غطاء الصلاة وتصلّي لله بأن لا يكون زوجها هو المقصود بعدو الله ورسوله : «يا رب.. والله أبو عباس مو عدو إلك ولا لرسولك يا رب لا تموتوا يا رب». ذهبَ من تبقى من رجال المدينة إلى الجامع الكبير بخطوات بطيئة، وقد مات فيهم حبُ الإطلاع ومعرفة من هم أعداء الله ورسوله، ولا يريدون أن يعرفوا «عدو الله» لهذه الجمعة. يدعون في سرّهم: «يا رب نرجوك ليس من أهلنا ولا أولادنا يا رب». الخطبةُ عن لزوم تجديد البيعة للمرة السابعة بعد إعلان الخلافة في مشارق الأرض ومغاربها، فبعدَ كل صلاة جمعة، وبعد كل درسٍ ديني، يرفعُ المصلّون يمناهُم لبيعة أمير المؤمنين ابراهيم بن عوّاد البدري حفظه الله ورعاه، والسرُّ يكمن في الأجر المُرتجى الذي سيحصل عليه عنصر التنظيم  الذي يأخذ عدد…

نهلة… بائعة الملابس المتجولةعلى خطوط جبهات القتال

تم نشر القصة على موقع درج هنا انزل في مدينة مارع من جهة الشرق، لأسير في شوارعها، أطرق الأبواب، أعرض بضاعتي. هناك من كانوا يرفضون استقبالي بحجة أن ليس لديهم أولاد، فيما يثرثر آخرون معي مطولاً ثم لا يشترون شيئاً. على الطريق بين مدينتي مارع وأخترين شمال حلب وعند حاجز الشرطة المدنية، طلب مني الشرطي أن أوصلها معي على طريقي وهي ستنزل عند مفرق القرية التي تسكنها، إلا أنني رفضت بحجج كثيرة، فمن يسكن شمال غربي سوريا (مناطق سيطرة المعارضة المسلحة) يعلم الكثير عن قصص الاحتيال والاغتيال، بزي امرأة مسنة واسمها. يتبين لاحقاً أنها رجل يخبّئ تحت عباءته مسدساً أو مجموعة لصوص يستعطفون السائق ومن ثم يهددونه بالنزول من السيارة أو القتل. لذلك لا أسمح بأن أقلّ أحداً معي سوى نادراً، وهذا ما حدث معها. فعلى مدار الأسبوع، يصادف توقيت عودتي من العمل من هذا الحاجز مع توقيت وقوفها، من تحت خمارها بدا لي أنها منهكة ومتعبة وأنها ليست من أولئك المحتالين والمجرمين، فقررت أن أعينها بتوصيلة. على مدار رحلات متقطعة جمعت قصة شابة سورية عاشت حياة مبعثرة، كانت طرقات القرى صديقتها، حدثتني عن حياتها وفصول من مواقف مضحكة ومحزنة من علاقتها مع أهلها وزوجها ومع الجهات العسكرية وتجارتها في بيع الملابس. قرية ثلثانة شرق حلب- عام 2013 كنا نستيقظ على أدعية الحج عاصم شيخ جامع القرية أثناء ذهابه لفتح باب الجامع الحديدي الموصد بالجنازير لصلاة الفجر، تمشي في شوارع القرية مع سير الحج عاصم نساء يذهبن إلى منزل أم زياد، ورجال يذهبون لصلاة الفجر. نجتمع نحن النساء من مختلف…

عن عليا التي لها حظُّ ذكَرَين من شقاء سوريا

تم نشر القصة على موقع درج هنا أنا أنثى لها حظ ذكَرَين من شقاء الحياة، هل تعلم أنني بعد نزوحنا عرفت أن للسرير منافع أخرى غير النوم فقط؟ الى الرياضية الإيرانية زهرة قدي  هنا قصة شابة سورية اسمها عليّا تبلغ من العمر 35 عاماً، كانت قد نزحت مع أهل قريتها من قرى حماة، إلى منطقة سرمدا شمال إدلب. وهي تقطن الآن في مخيم داخل أحد مكبات النفايات وتعمل في المكب.  يرصد النص بعضا من قصص عليّا وعلاقتها مع جسدها وكيف تتعامل مع مظهرها وكيف يراها أهل قريتها.  في مكب للنفايات على أطراف مدينة سرمدا شمالي إدلب، يتراكض رجال ونساء وأطفال خلف سيارات النفايات، علهم يجدون ما يكمن بيعه داخل المكبات. في جانب أخر من المكب، زاوية لرمي أنقاض المنازل المدمرة. يشكل هذا الركام مصدر رزق لعليا وكثيرون غيرها من سكان المخيم. لفت انتباهي وضع عليّا “مهدة” كبيرة وثقيلة على كتفها وهي تركض خلف الشاحنة التي ترمي بأنقاض المنازل، تقف عليّا بالقرب من الشاحنة لـ”تحجزها”، فيكون الحديد المستخرج من الاسمنت من نصيبها.  ترتدي الشماغ الأحمر كحجاب، ولها فيه مآرب أخرى: تلثم به فمها، وتغطي معظم وجهها، مرتدية معطفاً جلدياً أسود وتنتعل حذاءً رياضياً، فيصعب تمييز هندامها عن الرجال. تقدّمت منها وسألتها عن عملها في هذه المهنة الشاقة وأخبرتها عن نيتي جمع شهادات عن نساء سوريات، لترد على سؤالي من دون النظر في عينيّ، وتخبرني انها غير متفرغة للاسئلة الآن، لأنها إذا لم تستخرج عشرة كيلوغرامات من الحديد فلن تأكل اليوم.  “تعال غداً واسأل عني في المخيم، قل لهم أريد علي أو…

العودة إلى السجن

تم نشر القصة على موقع الجمهورية هنا في مبنى جديد لإحدى القنصليات الأوروبية في مدينة حلب، ورائحةُ دهان جدران المبنى تعلق في أنفي، اخترتُ كتاباً عن فن الإضاءة والتصوير من بين الكتب العربية في المكتبة. تطلبُ مني المسؤولة عن هذا المبنى مع ابتسامة لطيفة الدخول إلى غرفة الاجتماعات، فيها طاولة بيضاوية بنية اللون حولها كثيرٌ من الأجانب وقليلٌ من السوريين. أحدّثهم بطلاقة عجيبة، أنا الذي أصبح عمري ثماني سنوات حتى استطعتُ لفظ حرف الراء بشكل صحيح، كنتُ ألفظه «يااااء» كقولي «سيّايية» بدلاً من سيارة. أتحدثُ بطلاقة عجيبة أمامهم عن تدخل حزب الله اللبناني في سورية، وعن قتل الثورة السورية بإغراقها بكل ما يعزز العداء الطائفي، وأنه كما قام الأسد بزرع جسمٍ يدعى حزب الله في لبنان لتخويف الشيعة هناك، فإنه أيضاً صنع تنظيم الدولة في سورية لتخويف أهل السنة، وكما أن كثيراً من الشيعة انتسبوا إلى حزب الله لحماية أنفسهم من عدو متوهم، أيضاً انتسب كثيرون من أهل السنة في سورية للتنظيم خوفاً منه، وخوفاً من عدو متوهم. فرغتُ من الكلام الطلق أمام الجمع، لتقول لي صاحبة الابتسامة المحببة أنها تستطيع حمايتي للعودة إلى الأحياء المحررة من مدينة حلب، عن طريق معبر حي الشيخ مقصود. سألتها إن كان باستطاعتها مساعدتي للتجول في الأحياء الغربية من حلب التي يسيطر عليها النظام السوري، فأجابت مع الابتسامة نفسها: «بالطبع». طلبتُ من سائق الباص الذي ينقل الطلاب الذين يدرسون اللغة في هذا المبنى الجديد، أن يمر بطريقه من حي الجميلية في حلب، فهذا الحي أكلَ من خطواتي وأكلَت خطواتي منه. حلب بالنسبة لي تعني…