متى تريدون قتلي؟
تم نشر القصة على موقع الجمهورية من أصل ثمانية مهاجع في سجن المحكمة الإسلامية في مدينة الباب، تمَّ تحويلي إلى ستة مهاجع تباعاً، وفيها جميعاً كان خيالي يُبحر في الجدران، متخيلاً أشكال من خطّوا أسماءهم على بعضها. كنتُ أجزمُ أن بعضهم لا زالوا على قيد الحياة، وكنت أجعل من بعضهم أصدقاءَ لي، أتحدثُ إليهم بين الحين والآخر. ومن تلك الأسماء فيصل كسمو، الذي التقيتُ به بعد تأكيد كثيرين أنه في عداد الموتى. التقيتُ به في مهجع تبادل الأسرى، وأخبرته بشهرته التي تشهدُ لها جدران المهاجع الأخرى، ليشدَّ صدره ويخبرني أنه مشهور في كل مكان، وأنه يحب الشهرة، حتى أنه كان يرمي نفسه أمام كاميرات الإعلاميين في المعارك ضد قوات النظام. بحكم صغر سنّي وسنّه في مهاجع غالبية نزلائها كبارٌ في العمر، كنا نطيل الجلوس مع بعضنا بعضاً في الفترات الممتدة بين الصلوات، يشكو لي همه وهواجسه وأفكاره وطموحاته، سأترككم مع قصة فيصل كسمو التي سيرويها لنا بنفسه. ***** «روح توب إلى الله!!!» بهذه العبارة قُطِعَ نفَسي كليّاً، شهقتُ شهقةً كمن يمشي على حافة حائط عالٍ وطويل، أشتهي السقوط كي أرتاح، لكن حبي الميؤوس منه للحياة يدفعني إلى الاستمرار نحو المجهول. ضاعت كلمات الدفاع التي تمرنت عليها طيلة فترة انتظار جلسة المحاكَمة، تفوهتُ بكلماتٍ كالإنسان البدائي، كما في أفلام الكرتون. سحلني المحقق نحوَ المهجع بعد جلستي الرابعة أمام القاضي الجديد، عرفتُ أنه تونسيٌ من لهجته، فخلال وجودي وتنقلي من سجنٍ إلى سجن صرتُ أميزُ اللهجات العربية، وبعض الكلمات من اللغات الأجنبية، مثل كلمة «سَك» التي تعني «كافر» باللغة الروسيّة. «توب إلى الله»،…